تاريخ روما
من المصادر التاريخية نروى حكاية وتاريخ روما القديم:
((( روما القديمة نشأت عندما استوطنت جماعة صغيرة من الرعاة في وسط إيطاليا وأصبحت واحدة من الإمبراطوريات الكبرى في التاريخ ثم انهارت. تأسست مدينة روما حسب القصص الروماني، سنة 753 ق.م. وفي نحو سنة 275 ق.م. سيطرت روما على معظم شبه الجزيرة الإيطالية وشملت الإمبراطورية، وهي في أوجها، في القرن الثاني الميلادي، نحو نصف أوروبا والقسم الأكبر من الشرق الأوسط والساحل الشمالي لإفريقيا. ثم بدأت في التفتت. وأطاحت القبائل الجرمانية، المولعة بالحرب، بآخر إمبراطور روماني سنة 476م.
كان الملايين من الناس، الذين عاشوا في الإمبراطورية الرومانية، يتكلمون لغات متعددة، ويتبعون تقاليد وأديانًا مختلفة. ولكن الإمبراطورية الرومانية ربطتهم جميعًا بنظام قانوني وحكم مشترك. وقد أثار هذا الإنجاز البارز الاهتمام والإعجاب منذ الأزمنة القديمة وحتى الوقت الحاضر.)))
وكذلك (((تروي الاسطورة ان رومولوس هو من اسس مدينة روما عام 753 ق.م. وإن دلت العناصر الاثرية على اثر سابق للانسان في هذه المدينة، فيرجّح ان الاستقرار الفعلي للانسان يعود تقريبا الى هذه الحقبة. اذ تم اكتشاف بقايا قرية ترقى الى العصر الحديدي اي الى القرن الثامن ق.م على جبل بالاتان.
الجمهورية الرومانية
قاد ملوك من اتروريا روما من القرن السابع وحتى نهاية القرن السادس ق.م. وطبع الانقلاب على الملك الاخير حوالى سنة 510 ق.م نهاية المملكة الرومانية وقيام الجمهورية. وفي اوائل القرن الرابع ق.م بدأ الرومان بناء سور سيرفيان حول المدينة على اثر اجتياح للغال، ومن ثم بتنفيذ اول قناة للمياه (312ق.م) وفي الوقت عينه، بدأ شق طريق أبيا التي وصلت روما بجنوب ايطاليا. واستمرت المدينة بالتطور خلال الحروب القرطاجية وبعدها (264 - 146 ق.م) وشيّدت البازيليك الاولى خلال هذه الفترة في الفوروم. وبعدما اغتيل الاخوان تيبيريوس وكايوس (133 - 121 ق.م) اللذان حاولا وضع اصلاحات زراعية تهدف الى مساعدة الفقراء، شهدت المدينة مرحلة من عدم الاستقرار، لاسيما خلال الحروب الاهلية التي وقعت في القرن الاول ق.م. والتي آلت الى استلام يوليوس قيصر للسلطة بصفته ديكتاتورا للجمهورية. وكان الديكتاتور في روما يتمتع موقتا بكل السلطات السياسية والعسكرية.
الامبراطورية
اصبحت روما مركزا للامبراطورية وعاصمة للعالم المتحضر وذلك على الصعيدين السياسي والجغرافي على حد سواء. وكان الشعب يملك احتياطا وافرا من المياه ونظاما فعالا لتصريف المياه المبتذلة. الا انه عانى من كثرة الحرائق التي نتجت من الاكتظاظ والخليط السكاني. لذلك انشأ الامبراطور “اوغسطس” سرية لرجال الاطفاء تمتعت بسلطات رجال الشرطة. كما منع مرور العربات في الشوارع المكتظة خلال النهار ووضع حدا معينا لارتفاع الابنية. الا ان حريقا اندلع في العام 64 ق.م. قضى على قسم كبير من وسط المدينة، مما اتاح للامبراطور نيرون بناء قصر عرف بـ”المنزل الذهبي” La maison doree.
اما سلالة الفلافيين (69 - 96 بعد المسيح) التي حرصت على كسب تقدير الشعب لها، فتعهدت تنفيذ برنامج للاشغال العامة. وكان مدرّج الكولين من ابرز ما خلّفته. وفي هذه المرحلة، سادت البطالة المدينة. لذلك تم توزيع الطعام على الشعب الذي استفاد كذلك من العروضات المجانية، كما تميّزت هذه الفترة بسباقات العربات والعروض التي قدمت في المسارح الفخمة. وكانت هذه السياسة الديماغوجية التي هدفت الى ابقاء الامبراطور على كرسيه، تلبي رغبات الشعب الذي نادى بـ”الخبز والالعاب”.
قام الامبراطور تراجان ببناء آخر فوروم في الامبراطورية مع بداية القرن الثاني. وشهدت هذه الحقبة تشييد الحمامات الرومانية وابرزها تلك التي بناها “كاركلا” وديوقليتيانس في القرن الثالث. وعلى اثر الانحطاط الذي بدأ يهدد الامبراطورية في تلك الفترة، بني سور حول المدينة. وخلال القرون اللاحقة، اسس الامبراطور قسطنطين الكبير مدينة القسطنطينية التي اطلق عليها اسم روما الجديدة المسيحية. وعلى رغم الانحطاط الذي بدأت روما تنوء تحته بنيت اول الكنائس المسيحية، واهمها كنيسة القديس بطرس في تلك الحقبة.
انهيار المدينة
قضت القبائل الجرمانية على روما بين عامي 410 و455 وحاولت السلطات المحافظة على وحدة المدينة رغم تزايد الفوضى. بيد ان وصول البرابرة في القرن السادس عشر الذي تبعه احتلال بيزنطي مدمّر عجّلا من سقوط المدينة وانخفاض عدد سكانها. وبما ان روما كانت في تلك الحقبة مقرا للبابوية ظل قسم من السكان متمسكا بها. ثم انتهى الانهيار تحت سلطة البابا غريغوريوس الاول، الى ان عادت ايطاليا مسرحا للمعارك. وفي القرن التاسع عشر، هاجم العرب منطقتي روما والفاتيكان. اما في القرون الوسطى فاقتصرت المناطق التي يمكن اعادة اعمارها على ضفاف نهر التيبر بسبب النقص في المياه.
العظمة البابوية
لم تنعم المدينة بالازدهار سوى في القرن الحادي عشر، وإن تباطأت التطورات المحققة من جديد في القرن الرابع عشر خلال استقرار البابوات في “افينيون”. وعادت البابوية الى روما في العام ،1377 وخلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر، امست روما المركز الثقافي للنهضة، وعزمت البابوية على مساعدة الفنون مما ساهم في اغناء روما مجددا، اذ امر البابا نيقولا الخامس (1447 - 1455) بتحصين السور الذي يحمي المدينة وببناء قصور جديدة واعادة اعمار الكنائس. واستقر اعظم الفنانين والمهندسين في روما. ولم يستطع جنود شارل كنت الذين قضوا على المدينة في العام ،1527 ان يحولوا دون هذه الانطلاقة الجديدة. وفي القرن السادس عشر، قام مايكل انجلو ورافايل وبرامنته وعدد كبير من الفنانين بالعمل لمصلحة الفاتيكان، في بناء كنيسة القديس بطرس الجديدة على وجه الخصوص. وخلال عهد البابا سيكتس الخامس، بدأت اخيرا مرحلة تحديث المدينة مع بناء ثلاث جادات كبرى ربطت ساحة بوبولو بوسط المدينة. كما تم ترميم كنائس قديمة وانهاء قبة كنيسة القديس بطرس.
وبرز الاسلوب الباروكي الذي يميز روما المقاومة للاصلاح في ابنية القرن السابع عشر فغيّر ناحتون ومهندسون مثل بيرنين وفرانشسكو بوروميني معالم المدينة. وشهدت روما في القرن الثامن عشر هدوءا نسبيا، الى ان استولى نابوليون بونابرت في العام 1797 على المدينة، ووضع الفرنسيون يدهم على عدد كبير من الكنوز الفنية. وبعد مؤتمر فينا في العام ،1815 وضعت روما من جديد تحت السلطة البابوية. بيد ان احتلال بونابرت لايطاليا اثار حركة وطنية ناشئة وساهم في توحيد البلاد عام .1861 وفي العام 1870 باتت روما بصفتها مقرا للبابوية، مرتبطة بالمملكة الايطالية مما جعل البابا في ذلك الوقت يعلن نفسه “سجينا في الفاتيكان”.
العاصمة الوطنية
ما ان أُُعلنت روما عاصمة لايطاليا الموحدة في العام 1871 حتى عرفت البلاد مرحلة نمو سريعة مع انشاء عدة احياء جديدة، ففي بداية القرن العشرين، تم توسيع المنطقة التي تحيط بالمدينة الاثرية. اما ديكتاتورية موسوليني (1922 - -1943) فوسمت بتدمير عدة احياء قديمة وتنفيذ مشاريع عظيمة. وفي العام ،1929 امسى الفاتيكان مدينة مستقلة بموجب اتفاقات لاتران التي عقدت بين البابا وحكومة ايطاليا. فنعمت روما بمكانة مميزة خلال الحرب العالمية والثانية ولم تتعرض الا قليلا للقصف. وحتى اليوم، ما زالت روما تنمو لتمتد مساحتها على حساب الجبل الذي يحيط بها. ويبلغ عدد سكانها حوالى 2775250 نسمة بحسب احصاء .1991
احلال الديموقراطية
ترتب على حكومة بونومي (ممثل الجنوب المقاوم للفاشية) ان تُخلي مكانها لحكومة يرأسها نائب قائد المقاومة في ايطاليا العليا البروفسور فيروتشيو بارّي ويرافقه 400 ممثل مختارين من الاحزاب المقاومة للفاشية والنقابات. فعرفت الدولة القديمة فشلا ذريعاً بيد ان بارّي نجح في وضع اطر الحلول لمعظم المشاكل الحيوية في ايطاليا.
وفي كانون الاول ،1945 تسلم الديموقراطي المسيحي السيد دي غاسباري مهمات تأليف حكومة جديدة. وعلى رغم المشاكل المتتالية التي اثارها الحرمان والانتقام، كانت انتخابات الثاني والثالث من حزيران ،1946 الانتخابات الحرة الاولى التي تجري منذ العام 1921 من دون تسجيل اي حادث. وكانت المرة الاولى التي تقترع فيها النساء اما التصويت فجاء مصحوبا باستفتاء دستوري حيث ان 54.3 في المئة من الناخبين اختاروا الجمهورية. واظهرت النتائج الشرخ العميق بين ايطاليا الشمالية والاكثرية فيها جمهورية، و Mezzogiomo المنادية بالمملكة. وفي هذا الوقت، تنازل الملك فكتور ايمانويل الثالث عن العرش لمصلحة هامبير الثاني الذي انسحب الى البرتغال في 13 حزيران. )))